القمة الأردنية المصرية.. تطابق فـي وجهات النظر وانحياز لمصا

حظيت المباحثات التي اجراها جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس المصري حسني مبارك في القاهرة يوم أمس باهتمام لافت من قبل الدوائر السياسية والدبلوماسية والاعلامية الاقليمية والدولية وبخاصة ان جدول اعمالها المزدحم والمكثف قد تركز على سبل تعزيز التضامن العربي والاوضاع الراهنة في المنطقة خصوصاً الجهود المتصلة بعملية السلام..

وإذ أعاد الزعيمان الكبيران، التأكيد على ان التحديات المتصاعدة التي تواجهها المنطقة باتت تستدعي تحركاً جاداً وحقيقياً لمأسسة العمل العربي المشترك وتطوير التعاون والتنسيق والتشاور بين الدول العربية لحماية مصالحها وتعزيز التضامن بين شعوبها، فإنما للاشارة الى التطابق التام في وجهات النظر الأردنية المصرية ازاء تفاصيل المشهد العربي والاصرار على تجاوز وتذليل كل العقبات والعراقيل التي تعترض مأسسة العمل العربي المشترك وبما يضمن في النهاية طرح مقاربات وآليات عمل جادة لتطوير وتكريس نهج التعاون والتنسيق والتشاور بين الدول العربية حماية لمصالحها وتعزيزاً للتضامن بين شعوبها..

من هنا وفي اطار هذه الرؤية المشتركة لعمان والقاهرة ازاء المشهد الاقليمي جاء انضمام الرئيس الفلسطيني محمود عباس للقمة الأردنية المصرية ليمنح الزخم الى الجهود المبذولة حالياً لدفع عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي للتوصل الى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية وبما يفضي الى اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة الأمر الذي يستدعي وبالضرورة دعم المجتمع الدولي لعملية التفاوض بين الفلسطينيين والاسرائيليين للتوصل الى حلول شاملة لقضايا الوضع النهائي.

عمان والقاهرة وبما تتمتعان به من صدقية واحترام على الصعيدين الاقليمي والدولي وبما تنهضان به من دور مهم وحيوي في عملية السلام وفي دعم امن واستقرار المنطقة تدركان بعمق ان عامل الوقت ضاغط على الجميع وان المحاولات المتواصلة لهدر هذا الوقت وتبديده انما يشكل اضاعة لفرصة تحقيق السلام الراهنة والتي ما تزال متاحة واذا ما سمح للذين يريدون تقطيع الوقت وفرض سياسة الأمر الواقع على الجميع فإن العواقب ستكون وخيمة على امن واستقرار المنطقة برمتها..

دعوة جلالة الملك والرئيس مبارك اسرائيل للتجاوب الجدي مع مساعي السلام والالتزام بتنفيذ تعهداتها ووقف جميع ممارساتها واجراءاتها الاحادية تكتسب اهمية اضافية في الظروف الراهنة لان استمرار حكومة اسرائيل في نشاطاتها الاستيطانية وحصارها الخانق الذي تفرضه على الشعب الفلسطيني لن يفضيا الى السلام بل ستفتح الطريق على مزيد من العنف وسفك الدماء وتواصل الصراع الذي لن يخرج منه احد منتصراً بعد ان اثبتت الايام ووقائع سنوات الاحتلال الطويلة عقم خيارات القوة ومحدوديتها وفشلها في تحقيق أي انجاز سياسي.

القمة الأردنية المصرية التي انضم اليها الرئيس الفلسطيني شكلت فرصة لاعادة التأكيد على ثوابت مواقف عمّان والقاهرة الداعمة للشعب الفلسطيني في الوقت ذاته التي لفتت الى اهمية انخراط الولايات المتحدة الاميركية في دعم وتشجيع المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين، لانجاح الجهود التي ستبذل خلال الاشهر المقبلة لضمان احراز تقدم في العملية السلمية.

جملة القول ان مباحثات جلالة الملك والرئيس المصري وبما تميز به جدول اعمال هذه القمة التي انعقدت في ظروف اقليمية حساسة وبالغة الدقة قد عكست في جملة ما عكسته تطابق وجهات النظر الاردنية المصرية حول قضايا وملفات عديدة كالاوضاع في لبنان حيث اكد الزعيمان على ضرورة العمل لانقاذ الوضع المتأزم في بلاد الارز وايجاد تسوية لأزمته السياسية وانتخاب رئيس توافقي في اطار المبادرة التي طرحتها الجامعة العربية وخصوصا ان استمرار حال الانقسام بين القوى والتيارات السياسية لا يخدم بأي شكل وحدة لبنان واستقراره كذلك مصالحه الوطنية - كما لم تغب الاوضاع في العراق عن طاولة المباحثات والتي اعادت فيه عمان والقاهرة التذكير بدعمهما ومساندتهما للجهود الهادفة الى تحقيق الأمن والاستقرار في بلاد الرافدين والمحافظة على وحدة شعبه وتماسكه.

القمة الاردنية المصرية سجلت نجاحاً واضحاً في قراءتها السياسية وفي اهمية الدور الذي تنهضان به لصالح الأمة وقضاياها وانحيازهما المطلق للسلام والشرعية الدولية ورفضهما للاحتلال وسياسات الاستيطان وايضا في الارتقاء بعلاقاتهما الثنائية المتميزة الى آفاق واسعة وفضاءات رحبة.