عبد الرحيم نصار

عبد الرحيم نصار
كاتب وشاعر فلسطيني

بــغــــــــــــــداد

بغداد .. بغداد ، دار العز ، لا عجبا
أن تعصفي غضبا ، أو تمطري لهبا

وأن تثوري على الأوغاد عاصفة
حمراء ، تأكل لحم القلب والعصبا

وأن تظلي امتداد الدهر شامخة
يزهو الفدا بك أما، والصمود أبا

بغداد مهد الأباة الشم من قدم
لغيرك المجد ما غنى ولا طربا

لولاك ما وجد التاريخ من سبب
لكي يكون ، فكنت الفعل والسببا

إذا رضيت ، فإن الشمس راضية
وإن غضبت ، فإن الكون قد غضبا

***

بغداد ، هاهم مغول العصر قد طلعوا
من المغيب ليفشوا العهر والجربا

جاءوك ، والحقد يغلي في صدورهم
مثل الدبا عددا ، ملء الفضا صخبا

جاؤوك والرعب لون الموت في دمهم
إن هبت الريح ، طاروا قبلها هربا

جاؤوك من آخر الدنيا ، وقد ركبوا
أبا رغال ، صفيق الوجه مكتئبا

واستأجروا دولا في الذل غارقة
أصنامها يعبدون الجنس والذهبا

وسخروا عصبة خرقاء .. خائنة
والله ماعرفت أصلا ولا حسبا

بغداد ثوري فقد ثار الثرى جزعا
على الضحايا ، وهاج البحر واضطربا

مازلت ياقلعة الأحرار معجزة
لم تذعني رغبا ، أو تنحني رهبا

أبناؤك الصيد في وجه العدى وثبوا
وحق للأسد المحصور أن يثبا

ماذا ترجين يا بغداد من عرب
أخزوا بصمتهم الأعراب والعربا
ت
يا سادتي أيها العشرون معتصما
ما كان معتصم نذلا ومستلبا

لا تطمعوا أن تروا يوما بلا فزع
أو تطمحوا أن تكونوا سادة نجبا

من يصحب الذئب يصبح من فرائسه
أو يستجر باللظى يصبح لها حطبا

ردوا الكلاب التي في كرمكم رتعت
لا حصرما لكمو أبقت ولا عنبا

غدا إذا دارت الأفلاك دورتها
وصرتم للغزاة النعل والذنبا

لا تذرفوا كالنساء الدمع معذرة
لأن بغداد تأبى الزيف والكذبا